عودة الى الصفحة الرئيسية

فن تشكيلى
مقال اليوم بصفحة"فن تشكيلى" بجريدة "القاهرة" عن فنانة الخزف النحتى ميرفت السويفى ..
ورئيس سمبوزيوم الخزف الدولى فى دورته السابعه:
تركيبات الخزف النحتي
كغضاريف الأرض وعظامها
ومثلما للبشر أفكاره .. كذلك للطين أفكاره
فاطمة على
فنانة الخزف النحتى المثابره المبدعه ميرفت السويفى أخلصت على مدى حياتها لفن الخزف وكانت البداية مع فن الآنية الخزفيه ثم طورت تجربتها وإنتقلت الى الخزف النحتى كبناء تركيبى .. ومثلما أخلصت لإبداعها الفنى الخاص كان إخلاصها وتفانيها لتأسيس سمبوزيوم الخزف برعاية كلية التربية الفنيه جامعة حلوان والذى أقيم فى دورته السابعه هذا الشهر والذى إنتهى فى التاسع من فبراير بالتعاون بين جامعتى حلوان والأقصر ولتجعل للسمبوزيوم هدف من تأسيسه وتولى رئاسته منذ عام 2014 كى تفتح به آفاق الممارسه والتجريب وتطوير إبداعات شباب الخزافين ..
وللخزف النحتى الذى تفوقت فيه الفنانة ميرفت السويفى امكانيات بنائيه للتجريب الحر.. وبدأته بجرأة بشكل فارق منذ عام 1983 وإستمرت تتطور حتى عرضها عام 1994 وكان قائم بالكامل على فكرة توليف الخامات من الحديد والأخشاب وأسلاك مع الخامه الطينية للخزف .. لتحدث اختلاف فى التقنية والمفهوم والرؤية والفكرة للماده الخزفيه من الإيحاء بالمادة المجوفه صراحة كأوانى إلى ما يوحى بالمصمتة كمنحوت ..
بنائية كعظام الأرض وغضاريفها
وتحولت الأعمال لدى الفنانة بوعى ومهاره لتأكيد مفاهيمية تشكيلاتها الخزفيه النحتيه المنتميه للعمل الفنى المركب او التجهيز فى الفراغ "انستليشن" بتحولها من الاناء الى الكتله الفخاريه الى الانستليشن الفخارى بإضافات كولاج من الحديد الخرده والخشب والسلاسل والمسامير والاسياخ لتقدم مشهد جمالى من طاقه الخامات التبادليه مع إستحضار لعناصر من التراث والوجه الإنسانى فى سياق جديد .. لتبدو خزفياتها النحتية الفخاريه كأنها تملك وتجمع قوى الطبيعة فى علاقه تركيبيه لم تعتادها العين للمنحوت الخزفى كجزء من تركيباته كأنها لعظام الارض وغضاريفها.. وهذه الماديه تجسد للكتله الخزفيه يحدها قضبان أشبه بالهيكل الذى رغم فتحاته هو قفص لتنشئ داخله علاقة أجزاء لخامات متعددة الطاقه فى أزمنتها الخاصه وأماكن وجودها بما تحمله من ذاكره خاصة بالمكان وإستعمالاتها المسبقه كأدوات منفصله .. لتحقق الفنانه علاقه متناغمه بين الأجزاء من اكثر من زاوية كحالة بصرية وذهنية جديدة إضافة للأصل الحاضن لها .. وأيضا لتحقق رؤيتها الخاصة التى بها تعيد امام أعيننا تشكيل المفهوم المعقد بين منحوتة إنسان خزفياتها والقضبان ومدار حريته المسموحة وحركته الممنوعة المعقدة داخل مفاهيم بدائية من الوعى للقضبان الحديدية الخرده كجدران وهمية تخترق الجسد والفضاء.. وأيضاً هى علاقه لذلك التواجد العضوى داخل المادية الحديدية المحكمة لتحصر الوعى فى المحيط وليس فى الموجود ذاته وهو الانسان .. ربما حاولت ببنائياتها للإنسان والقضبان تحرير عقلاني قبل الجسدى للإنسان القابع داخل زمان تواجده المحكم بين وهميه اسكنته داخله لا يريد مغادرتها رغم المساحات المفتوحة والمدعمه بالاخشاب القديمه .. والمثير أن إنسان خزفياتها لا تبدو عليه علامات الألم فقد اصبح باردا كخامته الطينيه ولبقاءه طويلا على هذا الوضع الاسير ليبدو هو نفسه كبقايا عضوية من العظام والغضاريف والحفريات فى مشهد جمالى يدعو للتأمل لما تقيمه الفنانه من أعمال مركبه بخامات الأرض المعبره .. وهذه العضويات الارضيه هى باقيه لها ديمومتها وأعتقد أن لها أفكارها بتحولها خزفا .. فمثلما للخزاف أفكاراً كذلك للخزف أفكاراً وهويات مختلفه .. وأتذكر قول عمر الخيام "عندما تُترك روحك وأجسادنا ودُفنا جنبًا إلى جنب قد يصنع الخزاف يومًا ما غبار كل منا في نفس الطين .." حتى انه يُقال أن كل قطعة من الطين هي قطعة من حياة شخص ما حتى كأن لها صوتها الخفيف وتغني بطريقتها الخاصة .. فالطين يتنفس ويسمو ويرق ويتألق .. وكأن للخزف مادة وروح مجدول بنظام يومي للسعي إلى الدقة كحياة مزدوجة فهناك مادة وروح ولا يمكن لأحدهما أن يعمل بشكل كامل بدون الآخر .. ومن أجل الإبداع ونفاذ الرؤيه كما لأعمال للفنانه الكبيره ميرفت السويفى يجب أن يكون جانب المسألة قويًا بما يكفي ليحمل جانب الروح .. فإذا كان الشكل به تشققات ، فإن الروح تتسرب ..
طاقة الخامات
اعمال الفنانه ميرفت تساعد على الكشف عن الطاقة الكلية الكامنة فى الشكل النحتى الخزفى وتاثير وضع خامه كالحديد موحيه بالحركة والطاقة.. وأيضاً هذه الطاقه المُجمعه توحى بالقيمة التحولية بما تقدم فى النهاية عن اشياء متباينة عضوية وهندسية داخل بناء هيكلى واحد يتميز بالمعاصره وطرق مجالات حداثية كالأعمال المركبه وإنستليشن الخامه وملحقاتها .. وفى بعضها كذلك بدا الكثير منها سردى بوجود الإنسان وبما يشبه الأقفاص الحديدية وتحويرات جسده المشتقه من أشكال العظام وإيحاءاتها العضوية حتى بدت إنشاءاتها الفخارية بإبداع وتواصل ومادية الأرض كأنها غضاريف الارض البارزة وهذا أعطى للسرديه البصريه والشعوريه مجال للسرد الدرامي العضوى .. وحين إستخدمت الفنانه اخشابها وبعض من أنسجة الخيش والمسامير والسلاسل كتخريجات شكلية جذبت عين المشاهد الى ما داخل الشكل الايهامى او ما داخل رحم التكوين الانشائئ الرحمى لمجموعاتها وقد حملته بثراء فكرى قد تكون متناثرة فى مفهومها او بتلميحات واستعارات لم يتم استيعابها كليا لدى المشاهد من المشاهدة الأولى ارتباطا منه بالخزف النمطى .. وهذا اثرى خيال المشاهد أمام معضلة السطح وكولاج خامات قاسيه غير مُصنعه كالحديد والأخشاب مع خامه ناعمه مثل الخزف مما جعلها اكثر درامية وليس اصطناعيا كما فى بعض جماليات اعمال جليزيهات البريق المعدنى المصقول ..
الخزف لغتها الخاصه
سيظل الخزف البنائى هو اللغة الشخصيه الخاصة للفنانه ألتى قضت حياتها معه فى التجريب والبحث لتنجح بالفعل فى إقامة هياكل عظميه عظيمة التأثير وكقيم إبداعيه باقيه تشهد على عدد من التحولات الاسلوبية .. عبر الكتله وولعها بها وبالاحساس الصندوقى للجسد البشرى المتناغم والمتفاعل مع الصلصال الطينى الذى يغلب على أعمالها وتحاول تطويعه مفاهيميا .. وبالفعل الزائر لمعارضها يجد النحت الخزفى الفخارى مساحة حقيقية مثلما نفعل .. تتجول حوله وترتبط به تقريبًا كشخص آخر أو كائن آخر ..فهو بالفعل ماده أساسيه يثير الإهتمام فهو من الماء والأرض وبالنار يتخذ لنفسه شكلا وحياه رمزيه كوسيلة مثالية تعج بنقل الأفكار والصور.. أيضا لما ندركه فى أعمالها كموضوع ملموس مرئي مخفى فى باطن الكتله..إلى جانب تميز أعمالها بثنائيات الكتله لخزفياتها المتمثله للانسان فى حوارته الثنائيه للتواصل بين هيئتى الرجل والمرأة واتساع مساحة الخيال بينهما .. يدعمهما مفاهيميه رمزيه بوجود فى كثير من منحوتاتها عين واحدة تملا مساحة الرأس ..
28/2/2023

 

 

              

 

 

 العنوان: نقابة الفنانيين التشكيليين - ساحة دار الاوبرا بالجزيرة - القاهرة

 الهاتف: 27368005 (202) الموبيل: 01098989412

 البريد: synd.arts@gmail.com

جميع الحقوق محفوظة © نقابة الفنانيين التشكيليين 2020