68 عامًا على صدور العدد الأول من "الأخبار"
"صاروخان و رخا" .. نقطة إنطلاق "الأخبار"
------------------
"الأخبار" .. التى لا يعرفها الوزراء ؟!
1952 عام صدور "الأخبار الجديدة" قبل أن تصبح "الأخبار"
---------------------------
يوم الأحد 15 يونية عام 1952 كان لقارىء الصحف موعد مع مولد نجم جديد فى عالم الصحافة العربية .. وهى "جريدة الأخبار".. وكان محمد التابعى رائد الصحافة المصرية على رأس مجلس تحريرها، وضم المجلس كلًا من جلال الدين الحمامصي، وعلى أمين، ومصطفى أمين وكامل الشناوى، ومحمد زكى عبد القادر، وطوال هذه السنوات قدمت الأخبار ومازالت العديد والعديد من الخبطات الصحفية التى أحدثت دويًا فى الوسط الصحفى المصرى والعربى..
-- قصة الميلاد --
قبل أن يشهد شارع الصحافة صدور جريدة الأخبار كان لصاروخان ورخا دورًا كبيرًا فى التمهيد لصدور العدد الأول.. حيث رسما بريشتهما على صفحات مجلة آخر ساعة عام 1952 إعلانات ترويجية كاريكاتورية عن المفاجأة الصحفية الجديدة، إعلانات وعبارات تشويقية تصدرت أغلفة آخر ساعة وصفحاتها الداخلية.. فعلى سبيل المثال رسالة بريشة صاروخان تقول:"إذا قلت صباح الخير.. فقل أين الأخبار"، ورسالة أخرى محتواها "الأخبار..التى لا يعرفها الوزراء؟!"، أما الفنان رخا فقد رسم غلاف آخر ساعة فى عددها رقم 919 الصادر بتاريخ 4 يونية 1952 حيث رسم شخصيته الشهيرة "بنت البلد" بملابسها المعروفة "الملاءة اللف" وحولها بائعى الصحف والقراء وحوار وحركة بينهم عن جريدة الأخبار.
كانت "أخبار اليوم" أول مؤسسة صحفية تعطى إهتمامًا للفن التشكيلى بشكل عام وفن الكاريكاتير بشكل خاص، فقد ضمت بين جدرانها أسماءًا عديدة من ألمع فنانى مصر والوطن العربى مثل ألكسندر صاروخان، وعبد المنعم رخا، وحسين بيكار، ومنير كنعان، ومصطفى حسين، وعبد السميع، وسيد عبد الفتاح وغيرهم من الفنانين الذين حفروا أسمائهم بحروف ذهبية فى قائمة فنانى أخبار اليوم.
-- الأخبار الجديدة --
معظم قراء الأخبار إن لم يكن جميعهم لا يعرف أن جريدتهم عندما صدرت عام 1952 كان إسمها "الأخبار الجديدة"، قبل أن تصبح "الأخبار".. وتعود القصة إلى الآراء التى طرحت بشأن تسمية الصحيفة قبل صدورها، فقد كان هناك فريق يقترح أسم آخر لحظة، وفريق ثان يرى أن يكون اسمها أخبار النيل، ورأى ثالث يريدها الأخبار، وفريق رابع أقترح أسم أخبار اليوم، وعقد رؤساء التحرير إجتماعًا فى دار محمد التابعى لإختيار الإسم الجديد، وبالفعل اختار البعض إسم الأخبار لكن تم التراجع لأن ورثة أمين الرافعى كانوا يملكون هذا الإسم، فكان الإقتراح الذى تم ترجيحه بالأغلبية إطلاق إسم الأخبار الجديدة، وصدرت بالفعل بهذا الإسم، ثم رأى الجميع فيما بعد أن كلمة الجديدة ليس لها معنى، وبالفعل تم شراء رخصة الأخبار من أمين الرافعى، وصدرت بإسم الأخبار بداية من 23 أكتوبر 1953 ومازالت مستمرة حتى يومنا هذا.
-- إستجواب صاروخان --
أسمه "ألكسندر هاكوب صاروخان"، فنان أرمنى الأصل ولد فى أكتوبر 1898 فى تركيا، ورحل فى 1 يناير 1977، وقد جذبنى حديثه لمجلة آخر ساعة عام 1943 تحت عنوان "آخر ساعة تستجوب رسام آخر ساعة"، حيث سرد صاروخان قصته قائلًا: كنت فى القوقاز وأنا فى العاشرة من عمرى وأصدرت فى ذلك الحين مجلة أسبوعية رائعة أنا وشقيقى الأكبر، وكان توزيعها لا بأس به فكنا نطبع منها نسختين، طبعا فى الأسبوع لا فى السنة!، وكنا نصدر عددًا ممتازًا من مجلتنا الغراء فى أوائل كل سنة، وكانت تكاليف العدد خمسة قروش كان يدفعها عمى، وكان حضرته هو المشترك الوحيد!.. واستمر إصدار المجلة ثلاثة أعوام على الأقل، ثم بدأت أهوى الرسم الكاريكاتيرى، وسافرت إلى اسطنبول وكنت أرسم لبعض الصحف الفرنسية والأرمنية، بعدها سافرت إلى فينا عام 1922 ومضيت هناك عامين، والتقيت بأحد المصريين فأقنعنى بأن أسافر معه لمصر، وعندما حضرت إلى مصر كنت أعطى دروسًا فى الرسم، وأقمت أكثر من معرض، وفى أحد الأيام شاء القدر أن يقلب حياتى رأسًا على عقب، وذلك أننى التقيت بالأستاذ محمد التابعى، ولم نلتق فى شبرد ولا فى الكونتننتال، لكننا التقينا عند "بربريان" الحفار..، وكان لقاء تعارف انتهى بالاتفاق على أن أكون رسام مجلة روزاليوسف التى كان يشرف على تحريرها الأستاذ التابعى فى ذلك الحين..، وذلك قبل انتقالى معه لمجلة آخر ساعة بعد إصدارها.
-- لا أصلح إلا للرسم --
الفنان عبد المنعم رخا هو عميد فنانى الكاريكاتير المصريين، ولد فى 7 نوفمبر 1910، ورحل 8 إبريل 1989.. يحسب له تمصيره لفن الكاريكاتير، فقد سبقه عدة فنانين أجانب كانوا يسيطرون على ساحة الكاريكاتير فى الصحف والمجلات المصرية هم: سانتس الأسبانى فى مجلة الكشكول، رفقى التركى فى دار الهلال، صاروخان الأرمنى فى روزاليوسف قبل إنتقاله لآخر ساعة.
رخا من أبناء قرية سنديون بمحافظة القليوبية، حفظ القرآن وهو فى السادسة من عمره، جاء إلى القاهرة مع أسرته وحاول الالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة ولكن أسرته رفضت ليلتحق بالمدرسة الثانوية الخديوية بالعباسية ثم بمدرسة ليوناردو دافنشى ليبدأ مشواره مع فن الكاريكاتير .. يقول رخا: حولت نفسى من رسام إلى مصنع رسومات، كنت أرسم بالجملة والقطاعى وبعت فدادين وأصدرت مجلة "أشمعنى" وقمت بطباعة عشرة آلاف نسخة وحقق العدد مبيعات قدرها جنيه واحد! وخسرت كل الفدادين وأغلقت المجلة بعد أن تأكدت أننى لا أصلح إلا للرسم فقط.
-- طلقات الرصاص --
بعد رحيل الفنان رخا، كتب مصطفى أمين فى عموده الشهير بالأخبار"فكرة": فقدت صديق عمرى الرسام رخا، وأنا تلميذ عمرى 14 سنة كنت وعلى أمين نصدر مجلة التلميذ، والتجأنا إليه ليرسم لنا غلافها بالألوان بخمسين قرشًا، وكان رخا أكبر منى بسنوات لكنه كان رسامًا مشهورًا، ظهر نبوغه فى شبابه المبكر، وكان يرسم أغلفة لمجلات روزاليوسف والمسرح والناقد وأبو الهول والصباح وألف صنف، وظهرت صوره فى جرائد البلاغ والمصرى، وما من مجلة أو جريدة ظهرت فى الثلاثينات أو الأربعينات أو الخمسينات ولم يكن فيها صور رخا الضاحكة الساخرة..، كان قلبه يبكى، كان فيلسوفًا وفنانًا وناقدًا وساخرًا، وقبل كل شىء إنسانًا عظيمًا أمتلأ قلبه بحب الناس، ظل يكافح حتى أصبح الرسام الكارياتورى الأول فى مصر.. رخا لا يكفيه مقال رثاء، بل هو يحتاج إلى كتاب كامل يروى قصة الصحافة من خلال رسومه وضحكاته، وكانت رسومه أحيانًا أشبه بطلقات الرصاص.
-- حمار أفندى --
شكل الثنائى صاروخان ورخا ضلعًا هامًا فى دار أخبار اليوم على مر سنوات قدما فيها رسومًا تعبيرية وكاريكاتورية تعد بصمة فى عالم الصحافة، ففى عام 1932م استطاع صاروخان أن يكون أول رسام يبتكر شخصية نمطية كارياتورية فى مصر تعبر عن العقل والمزاج العام للشعب المصرى، وهى شخصية "المصرى أفندى"، وقد لعبت الشخصية دورًا هائلًا فى السياسة المصرية.. وفى عام 1941م فكر مصطفى وعلى أمين ورخا فى ابتكار شخصية جديدة غير المصرى أفندى، ورسم رخا شخصية أطلق عليها "ابن البلد" وكانت هذه الشخصية تمثل المصريين وتتكلم فى السياسة وفى كل شىء..، ثم قدم رخا شخصيات أخرى مثل حمار أفندى، وغنى الحرب، وسكران باشا طينة، والحرامية، وبنت البلد، ورفيعة هانم.. وغيرها من الشخصيات التى أحبها قراء الأخبار وأخبار اليوم..
----------------------
يكتبها : طارق عبد العزيز
https://www.facebook.com/synd.arts/posts/3422488247780959?__tn__=K-R
|
